تعافت من قاع مارس .. ارتفاعات قياسية لأدوات الدين السيادية السع


  • تعافت من قاع مارس .. ارتفاعات قياسية لأدوات الدين السيادية السعودية تصل إلى 36.6 %
    حسب ما أورده الاستشاريين افتح مكتبك مجانا في كونسلتو
    عززت مجموعة من أدوات الدين الحكومية السعودية من ارتفاعاتها (بعضها إلى مستويات قياسية) بنهاية آب (أغسطس) من العام الجاري، وذلك بعد تعافيها من القاع الذي سجلته معظم تلك الأوراق المالية منتصف آذار (مارس) إبان الاضطراب العالمي الذي ضرب أسواق الدخل الثابت في الأسواق الناشئة من جراء جائحة كوفيد - 19.
    وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أن إقبال المستثمرين المؤسسيين الدوليين قد دفع بخمس أدوات الدين السيادية للحكومة السعودية كي تتداول فوق 120 سنتا للدولار بنهاية الشهر الماضي، محققة مكاسب رأسمالية في نطاق 21.5 في المائة إلى 36.6 في المائة مقارنة بقيمتها الاسمية.
    كما أن استحقاق 2050 لسندات المملكة حقق مكاسب رأسمالية تفوق الثلث بلغت 36.6 في المائة خلال التداولات الدولية عليه، وانعكس العائد الحالي الذي أصبح يعده البعض مرتفعا في ظل دخول الأسواق الدولية إلى مرحلة الفائدة المتدنية، بشكل إيجابي على الإصدارات السعودية وبالأخص جميع السندات الثلاثينية والأربعينية في الأسواق الدولية التي تتصدر المراتب الخمس الأولى من حيث أعلى سعر خلال التداولات الدولية عليها.
    وبحسب رصد "الاقتصادية" الذي استند إلى بيانات أولية لـ"بوند إي فاليو"، فإن إجمالي أدوات الدين الدولارية التي شملها الرصد 23 أداة (بينها 4 صكوك) صادرة عن حكومة المملكة وجميعها تم تداولها بنهاية الشهر الماضي فوق قيمتها الاسمية.
    في حين سجل استحقاق 2050 أعلى سعر عند 136.7 سنت للدولار بارتفاع بمقدار 36.6 في المائة من القيمة الاسمية، جاء أدنى سعر من استحقاق 2021 الذي يتداول عند مستويات 101.9 سنت للدولار بارتفاع بمقدار 1.9 في المائة من القيمة الاسمية.
    من ناحية أخرى، أشارت بيانات مالية حديثة إلى أن جهات الإصدار السعودية استحوذت مجتمعة على 29 في المائة من إجمالي إصدارات المنطقة الخليجية بنهاية حزيران (يونيو) الماضي.
    وأوضحت تلك البيانات أن المصدرين السعوديين أصدروا ما يصل إلى 19.3 مليار دولار من السندات والصكوك خلال النصف الأول، مستغلين بذلك نوافذ الإصدار التي توافرت لهم قبل الجائحة وبعدها.
    وجاءت جهات الإصدار الإمارتية في المرتبة الأولى من حيث إجمالي إصداراتها الجديدة من أدوات الدخل الثابت التي بلغت 24.7 مليار دولار ومستحوذة بذلك على 37 في المائة من الإجمالي للمنطقة الخليجية، وبذلك تضمن جهات الإصدار الخليجية دفع فوائد متدنية على امتداد آجال استحقاق أدوات الدخل الثابت تلك في ظل بيئة الفائدة المتدنية.
    وكان لافتا من تلك البيانات التي ارتكزت على دراسة إحصائية مصرفية وعلى ما تم إصداره من أدوات دين بالعملات الصعبة، أن الجهات السيادية والمصارف الخليجية أصبحوا بمنزلة القوة الدافعة وراء الحراك الائتماني بعد سيطرتهم مجتمعين على 86 في المائة في المائة من إجمالي الإصدارات وذلك بحسب فئة القطاع.
    وتصدرت الحكومات ما تم إصداره في المنطقة الخليجية بقيمة 35.2 مليار دولار ولامست 53 في المائة من الإجمالي عن الفترة نفسها، متبوعة بإصدارات المؤسسات المالية بقيمة 22.1 مليار دولار ولامست 33 في المائة من الإجمالي.

    إصدار مرتقب
    وكشفت حديثا وسيلة إعلام بريطانية متخصصة في أسواق الدخل الثابت أن السعودية تراقب السوق الدولية من أجل إصدار منتظر لصكوك دولية، وذلك عقب قيام جهات خليجية وسعودية بطرق باب أسواق الدخل الثابت الدولية خلال الأسابيع الماضية، إلا أن "الاقتصادية" لم تستطع تأكيد تلك المعلومة من مصادرها المستقلة.
    وكقاعدة عامة تنصح البنوك الاستثمارية جهات الإصدار بتحاشي ذكر موعد الطرح الجديد ويتم جعل السوق في حيرة من أمرها عن موعد الطرح الجديد.
    وأشار الرصد إلى أن جميع الإصدارات الدولية الأربعة للصكوك الخاصة بالسعودية حققت مكاسب لمستثمريها بنهاية آب (أغسطس) وتتداول بنطاق ما بين 103 و110 سنتات للدولار (فوق القيمة الاسمية)، وأظهر أن السعودية دائما ما تختار وقت استدانتها الدولارية للصكوك في كل سنة ما بين أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) وذلك وفقا لآخر إصدارين لها من السندات الإسلامية.
    وعكس التباطؤ الحاد في إصدار الصكوك على النطق الدولي في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) التقلبات الأوسع نطاقا في الأسواق المالية مع انتشار الوباء في كل أنحاء العالم، وكان لذلك تأثير أكبر في سوق الصكوك منه في سوق السندات التقليدية، حيث إن الأولى مركزة للغاية وأصغر بكثير وأقل سيولة من غيرها، بحسب تقرير لوكالة فيتش في تموز (يوليو) 2020.
    وتسجل أسواق الدين الخليجية أفضل مستوياتها خلال الجائحة مع تحسن واضح في معنويات المستثمرين الدوليين تجاه إصدارات المنطقة، حيث تسجل الأسواق الناشئة مكاسب لإصدارات أدوات الدين بفضل جهود البنوك المركزية في دعم اقتصاداتها المحلية.
    بل إن مؤشر سندات الأسواق الناشئة الخاص بـ"جي بي مورجان" (EMBI) قد ارتفع خلال منتصف تموز (يوليو) بأكثر من 200 نقطة أساس مقارنة بقاع آذار (مارس).

    تقييم أداء الإصدارات
    ارتفاع السندات السيادية السعودية ارتفاعات خاصة ذات آجال الاستحقاق الطويلة، مدعومة بتعافي أسعار النفط على مدار الفترة الماضية في ظل تحسن الطلب وكذلك بفعل إجراءات ضبط الأداء المالي التي أعلنتها الحكومة السعودية أواخر النصف الأول من هذا العام.
    ويرى حائزو أدوات الدخل الثابت التي أصدرتها السعودية منذ 2016 أن إجراءات "ضبط الأداء المالي" تعد داعمة للأداء المتفوق للأوراق المالية الصادرة عن حكومة المملكة.
    وحول أداء أدوات الدين ذات الآجال الطويلة، زادت السندات الدولارية السعودية المستحقة في 2049، 3.5 سنت ليجري تداولها عند مستويات 131.2 سنت للدولار، بنهاية آب (أغسطس).
    وصعد استحقاق 2060 للحكومة السعودية بواقع 1.9 سنت ليجري تداوله عند مستويات 125.7 سنت للدولار عن الفترة نفسها. ولقيت الأوراق المالية للسعودية دعما بمشتريات المستثمرين الأوروبيين ونظرائهم من الولايات المتحدة وكذلك الآسيويين.
    وشهد أداء آجال الاستحقاق الأطول للسعودية، وهي من بين الأعلى ائتمانيا في المنطقة، أداء متميزا كذلك خلال التعاملات الأوروبية وهي المنصة الذي أدرجت فيه تلك الأدوات.
    وبلغ سعر سندات المملكة السيادية لأجل 30 عاما المستحقة في 2050 أقوى مستوياته منذ قاع آذار (مارس)، بعدما جرى تداول تلك الأوراق عند مستويات 136.7 سنت للدولار، من الفترة ذاتها، والأمر نفسه من الأداء القوي انطبق على سند الثلاثينية مرة أخرى للحكومة، حيث ارتفع إصدار 2047 بما يزيد على 0.8 سنت إلى مستويات 123.5 سنت للدولار، عن الفترة ذاتها.

    إدارة الصناديق
    ومعلوم أن المستثمرين في سوق السندات والصكوك وكذلك شركات إدارة الأصول يستعينون بما يعرف بـ"مؤشرات قياس الأداء" من أجل مقارنة أداء تلك الأدوات الاستثمارية وفقا لمنطقة جغرافية محددة أو قطاع معين.
    ومن المتعارف عليه مع شركات إدارات الأصول، فإن هناك مؤشر قياس لكل فئة من الأصول الاستثمارية، وذلك كي يقيس مدير الصندوق الأداء السنوي للصندوق مع مؤشر القياس الذي يسترشد به.
    ويتم الطلب من مديري الأصول الذين يتولون إدارة صناديق الدخل الثابت بأن يحققوا عائدا قريبا من المؤشر الذي يتبعونه، والغاية من ذلك تكمن في مساعدة المستثمر في تلك الصناديق على قياس أرباح أو خسائر الصندوق وفقا لمؤشر قياس يعتد به.
    ويعد مؤشر بلومبيرج باركليز أحد المزودين الثلاثة الرئيسين لمؤشرات السندات في العالم وتتبع أداءه صناديق السندات العالمية.
    وكان مؤشر بلومبيرج باركليز من أوائل المؤشرات العالمية التي أدرجت سندات وصكوك الحكومة السعودية ضمن مؤشراته.

    أهمية مؤشرات قياس الأداء
    وانضمت السعودية بنهاية أيلول (سبتمبر) من 2019 لمؤشرات جي بي مورجان لسندات الأسواق الناشئة التي كان انضمامها لها تدرجيا على مدى أول تسعة أشهر من 2019. وبذلك أصبحت الديون السيادية للمملكة (المقومة بالعملات الصعبة) جزءا لا يتجزأ من محافظ شركات إدارة الأصول العالمية سواء الخاملة منها أو النشطة.
    وأهم تلك المؤشرات هو مؤشر سندات الأسواق الناشئة العالمي المتنوع (EMBI GD) الذي تندرج تحته أدوات دين بقيمة اسمية تصل لأكثر من 300.2 مليار دولار الذي يصل فيه وزن أدوات الدين السعودية إلى 3.30 في المائة وتحتل فيه المملكة المرتبة الخامسة من بين 72 دولة من الأسواق الصاعدة.
    وبحسب البيانات غير المحدثة في أوائل 2019، تصل حصة أدوات الدين السيادية للمملكة ما بين 3.30 و8.66 في المائة من إجمالي أوزان الدول الأخرى التي في تك المؤشرات، في حين تصل حصة منطقة الخليج في مؤشرات السندات الأربعة، وفقا لحسابات الصحيفة، إلى ما بين 13.88 و17.94 في المائة.
    ويتضح من الوثيقة الثقل الواضح للسعودية في مؤشرات الأسواق الناشئة لأدوات الدخل الثابت. حيث تصدرت السعودية ما بين رابع وخامس أضخم جهة إصدار تم تضمين أدوات الدين الصادرة منها ضمن المؤشرات الأربعة التي تتبع أدوات الدخل الثابت القادمة من الأسواق الصاعدة، لتأتي بعدها روسيا في بعض الحالات. وتصدر المراتب الثلاثة الأولى المكسيك والصين وإندونيسيا.
    ومن المرجح أن أوزان أدوات الدين للسعودية والخليج تكون أعلى من تلك الأرقام وذلك لكون دول المنطقة إضافة إلى الشركات الحكومية المؤهلة للانضمام إلى تلك المؤشرات قد أصدرت أدوات دين جديدة منذ أوائل عام 2019، حيث تعذر الحصول على آخر تحديد صادر من الجهة المشغلة لمؤشرات جي بي مورجان وذلك لكون تلك التحديثات توجه لمديري الأصول الذين يستخدمون مؤشراتها.

    الانضمام لم يكن سهلا
    تاريخيا، دائما ما تعاني أدوات الدخل الثابت عدم حصولها على التقدير اللازم كأصول متميزة عن غيرها من الأسواق الصاعدة. ونتج عن ذلك عدم وجود نوعية الأصول تلك في معظم محافظ شركات إدارة الأصول المتخصصة في الاستثمار في الأسواق الناشئة، إلا أن الأمر برمته بدأ بالتغير تدريجيا مع نهاية كانون الثاني (يناير) 2019عندما شرعت مؤشرات جي بي مورجان بإضافة الديون الخليجية إلى مؤشراتها الرئيسة التي تتبع أداءها الصناديق المتخصصة في أدوات الدخل الثابت.
    إلا أن عملية الانضمام إلى هذا المؤشر قد تأخر ت بشكل كبير، وعاد ذلك بسبب وجود معيار صارم يفيد بأن دول الخليج تقع في مرتبة عالية جدا على مؤشر البنك الدولي لتصنيف الدخول المرتفعة تتجاوز المعايير العادية التي تؤهل للإدراج في مؤشر الأسواق الناشئة (وهو أن يكون دخل الفرد أقل من 20 ألف دولار)، إذ إن دخل الفرد في الإمارات يصل إلى 40 ألف دولار مقارنة بعشرة آلاف دولار في البرازيل.
    بيد أنه تم إيجاد منهجية أخرى تسمح لدول الخليج بأن تكون ضمن تصنيف الأسواق الناشئة مثل "نسب تعادل القوة الشرائية" التي يستخدمها صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمقارنة بين ثروات مختلف الدول، وهذا المؤشر يمكن استخدامه في بعض الأحيان لمقارنة مستويات المعيشة بين بلدين أو أكثر، وهذا المعيار يستخدم أيضا لقياس تكلفة شراء سلة سلع مماثلة لعملات دول أخرى في الأسواق الناشئة.
    وبالنسبة إلى الصكوك، فإن الأنظمة الداخلية للمؤشرات تسمح باختيار الصكوك الصادرة من جهات الإصدار المؤهلة، وذلك شريطة أن تكون الصكوك حاصلة على تصنيف ائتماني من إحدى وكالات التصنيف الائتماني العالمية وتاريخيا تمت إضافة الصكوك إلى المؤشر منذ أواخر 2016.

    ماهية تسعير أدوات الدين
    ويتم تسعير معظم أدوات الدين السيادية عبر الاستعانة بمؤشر قياس وهو عوائد سندات الخزانة الأمريكية. حيث تدخل عوائد تلك السندات مع المنظومة التسعيرية لأدوات الدين السيادية. فعندما تبدأ عملية بناء الأوامر الخاصة بالإصدار، يلتفت المستثمرون إلى عاملين.
    وأولهما هو هوامش الائتمان (spreads) الخاصة بجهة الإصدار والآخر هو معدلات مؤشر القياس وذلك وفقا لآجال الاستحقاق المستهدفة. وعندما يتم دمج هذه الأرقام أي "هوامش الائتمان" مع "مؤشر القياس" يتم الحصول على العائد النهائي المعروف بـ(yield) وذلك عندما يغلق الإصدار، مع العلم أن هوامش الائتمان تمر بثلاث جولات للأسعار الاسترشادية قبل أن يتم تقليص تلك الأرقام مع كل جولة وذلك بحسب حجم إقبال المستثمرين على الإصدار

    تعزيز كفاءات إدارات الخزانة
    ومع انضمام مصدرين خليجيين جدد إلى أسواق الدين، بات ظاهرا استعانة تلك الشركات العملاقة بمصرفيين سابقين في أسواق الدخل الثابت وذلك من أجل تعزيز إدارات الخزانة التي تتولى في العادة ملفات الاستدانة.
    ومن المنتظر أن تسهم تلك الظاهرة الحديثة في إحداث وفرة في تكلفة الإصدار والاقتراض (بحكم خبرة تلك الكفاءات في تسعير تلك الأوراق المالية)، ولا سيما تلك الكيانات التي لديها احتياجات تمويلية ضخمة، فالبنوك المرتبة للإصدار تتنوع تخصصاتها: فمنها من يمتلك فريق أسواق دين متمكنا يعرف كيف يغلق مثل هذه الإصدارات، إلا أن هذه البنوك الاستثمارية تفتقر إلى الودائع المليارية الفائضة التي يمكن تسخيرها لمصلحة شراء جزء من الإصدار.
    وهنا يأتي دور البنوك التجارية الخليجية التي تمتلك هذه الميزة ولكن تفتقد خبرة أسواق الدين. ولا يعني بالضرورة تفويض عديد من البنوك لترتيب إصدار سندات أن رسوم الإصدار ستكون مرتفعة على جهة الإصدار، حيث إن رسوم ترتيب الإصدار ستكون هي نفسها ولكن حصص البنوك ستكون منخفضة.
    يذكر أن بعض البنوك مستعدة لتقديم التنازلات مع الرسوم من أجل أن تتصدر جدول ترتيب البنوك الأكثر طلبا من حيث ترتيب إصدارات أدوات الدين (وهذه الاستراتيجية تجلب عملاء جددا).
    ويصل معدل رسوم تريب إصدار أدوات الدين في الولايات المتحدة إلى 0.7 في المائة للسندات ذات الدرجة الاستثمارية العالية أي إذا كانت قيمة الإصدار مليارا، فإن جهة الإصدار تدفع سبعة ملايين دولار للبنوك، في حين يصل معدل هذه الرسوم لسندات "الخردة" إلى 1.2 في المائة من إجمالي قيمة الإصدار.