قصة ذي القرنين ذو القرنين هو رجل صالح ذكره الله -تعالى- في القرآن الكريم، ووصفه بأنّه ملك عادل، فكان سلطاناً مؤيّداً ومقسطاً، ملك المشرق والمغرب، قال الله تعالى: (وَيَسأَلونَكَ عَن ذِي القَرنَينِ قُل سَأَتلو عَلَيكُم مِنهُ ذِكرًا*إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الأَرضِ وَآتَيناهُ مِن كُلِّ شَيءٍ سَبَبًا)،[٣] وأسلم على يد نبي الله إبراهيم عليه السلام، وطاف بالكعبة المشرفة مع إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وأُطلق عليه ذي القرنين، لأنّه ملك ما بين قرني الشمس شرقاً وغرباً، وكان مشاوره في شؤون الدولة الخضر عليه السلام، أمّا سبب ذكر قصته في القرآن الكريم فيرجع إلى أنّ قريشاً سألت اليهود عن شيء تمتحن به الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهم اليهود أن يسألوه عن رجل عُرف بأنه طوّاف في الأرض، وعن مجموعة من الفتية خرجوا ولم يُعلم شيء عنهم، فجاء الردّ من الله تعالى، وأنزل قصة ذي القرنين، وقصة أصحاب الكهف، وبيّن ذلك بياناً واضحاً وجليّاً، وذكر الله تعالى أنّه يعلم كل ما يمرّ به ذو القرنين ويحرسه ويحفظه، بالإضافة إلى أنّه مُنح وأُعطي ملكاً عظيماً، لتحقيق المهمات العظيمة التي وُكلّت له، فكان يأخذ الطعام والزاد الخاص بإقليمٍ ما لتعينه على إقليم آخر، حتى وصل إلى مكان لا يمكن لأحد وصوله، ووقف على حافة البحر ورأى الشمس في نظره أنّها تخرج من البحر وتغرب فيه، فملّكه الله -تعالى- حكم تلك المنطقة، ومكّنه منهم، وجعله بالخيار فيهم؛ فإن شاء قتل منهم ما شاء، وسبى منهم ما شاء، وله أن يفدي منهم ما يشاء.[٤] اختار ذو القرنين أن يجازي الظالمين، وذلك من عدله وقسطه بين الناس، ثمّ رجع من المغرب إلى المشرق، وفي طريق عودته رأى قوماً ليس لهم بيوت تحميهم من حرارة الشمس، فمرّ بقوم عجم أخبروه بأنّ هناك قبيلتان تعدّوا عليهم يشكل كبير جداً، وأفسدوا لهم بلادهم، وقطعوا عنهم الطرق، فقدّموا له الخراج مقابل أن يقيم حاجزاً ليمنع ظلم القبيلتين وجورهما عنهم ولكنّه امتنع عن أخذ المال، واكتفى بالأموال التي أنعم الله تعالى عليه، وطلب منهم أن يعينوه على بناء الحاجز بجهدهم وآلاتهم، وتمّ بناء الحاجز من الحديد والنحاس المذاب فلم يستطيعوا بلوغه بالسلالم ولا بغيرها من الوسائل، فكان ذلك من رحمة الله تعالى بعباده، ليمنع الظلم والطغيان عن المستضعفين من العباد، وقد أخبر الله تعالى أنّ الحاجز ينهدم آخر الزمان، ويصبح بنفس مستوى الأرض، حيث قال: (قالَ هـذا رَحمَةٌ مِن رَبّي فَإِذا جاءَ وَعدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وَكانَ وَعدُ رَبّي حَقًّا).