قصة نوح عليه السلام بعث الله نوح -عليه السلام- ليدعو قومه لعبادة الله وعدم الإشراك به، حيث كانوا يعبدون الأصنام، إلّا أنّهم طغوا وتمرّدوا، واستمرّ نوح -عليه السلام- يدعوهم ألف سنةً إلّا خمسين عاماً، لكنّهم لم ينتفعوا من النصح الذي نصحهم إياه، ولم يستجيبوا لأمره، إذ اتّهموه بالكذب، وأنكروا نبوته ودعوته، وقالوا بأنّ أتباعه من الفقراء والضعفاء الذين لا رؤية ولا فكر لهم، ولجأ نوح -عليه السلام- إلى عدّة وسائل لدعوتهم من الكلام معهم بلطفٍ، ودعوتهم في النهار والليل وفي العلن والسر، قال الله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا*فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا*وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا*ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا*ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا)،[٣] ومع ذلك لم يؤمن إلّا القليل منهم، أمّا الأغلبية فاتّهموه بالجنون، وتمرّدوا وسخروا منه، وهدّدوه بالرجم إن لم يتوقف عن دعوته، وحالوا بينه وبين دعوته، لكنّ نوحاً لم يبالِ بما فعلوا، واستمرّ في الدعوة حتى زاد استكبارهم واستهزاءهم، فتوجّه إلى الله -تعالى- بالشكوى،[٤] وحرص نوح -عليه السلام- أنّ يبيّن لهم أنّ الله سيمدّهم بالماء والبركة من السماء ويجعل لهم أنهاراً وجنات في الأرض إن أنابوا إليه، وذكّرهم بعظمة الله -تعالى- وقدرته، فكانوا يضعون أصابعهم في آذانهم حتى لا يصل إليهم الكلام الحق، كما كانوا يغطّون رؤوسهم بثيابهم حتى لا ينظروا لوجه نوح عليه السلام.